جهود "البحر الأحمر الدولية" في الحفاظ على "صقر الغروب"

يذكرنا اليوم العالمي للحفاظ على الطبيعة بالدور المهم الذي يتعين علينا القيام به في سبيل حماية البيئة للأجيال القادمة؛ حيث يُعد هذا اليوم بمثابة فرصة ذهبية للاحتفاء بالطبيعة في عالمنا، والمساهمة في الحفاظ عليها وتعزيز مواردها المتجددة.

ومن هذا المنطلق، نوجه تركيزنا إلى صقر الغروب (الأسخم)، والذي يُعد أحد الطيور المذهلة الموجودة على ساحل البحر الأحمر. يواجه صقر الغروب (الأسخم) العديد من التحديات؛ حيث إنه مُدرج ضمن فئة الطيور "المعرضة للانقراض" في القائمة الحمراء التابعة للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة. وبالرغم من ذلك، تُسهم المبادرات الأخيرة التي أطلقتها شركة "البحر الأحمر الدولية" في الحفاظ على تلك الطيور المهيبة، ومنحها بصيص أمل للعيش والبقاء ضمن المنظومة البيئية.

الحلول المبتكرة

في العامين الماضيين، نجحنا في تحديد 30 موقعًا اصطناعيًا لتعشيش صقور الغروب (الأسخم)، محققين إنجازًا مهمًا على مستوى العالم من خلال تبني هذه التقنية لهذا النوع من الطيور. كما كشفت المراقبة عبر الأقمار الصناعية والمراقبة عبر نظام الملاحة العالمي (GPS) أن الصقور البالغة تُظهر إخلاصًا تامًا للأعشاش، حيث تعود إلى زيارتها سنويًا. وعلى النقيض من ذلك، تميل صغار الصقور إلى البحث عن مواقع جديدة. وفي كلتا الحالتين، يعتمد اختيار موقع تعشيش الطيور على مدى توفر الغذاء وملاءمة الموائل.

واستناداً إلى تلك المعايير، هناك 7 جزر في وجهة "البحر الأحمر" توفر بيئة خصبة للتكاثر، حيث يُعشش نصف أعداد الطيور في جزيرة "قمعان"، التي تُعد إحدى أبرز الجزر البكر البالغ عددها 90 جزيرة والواقعة على ساحل وجهتنا الرئيسة. وبهدف تحسين موائل الصقور، وضعنا 10 مواقع تعشيش اصطناعية في عام 2023 و20 موقعاً آخر في عام 2024 على 14 جزيرة. وتسهم هذه المبادرات في تعزيز نمو تلك الطيور وتكاثرها، فضلًا عن استحداث رؤى مهمة حول عادات التعشيش الخاصة بها.

بالإضافة إلى ما سبق، يتولى الفريق المعني بمراقبة الطيور وتعزيز تكاثرها لدى شركة "البحر الأحمر الدولية" دوراً رئيسًا في مراقبة صقر الغروب (الأسخم)؛ حيث قام الفريق بين عامي 2022 و2023 بمراقبة مسار هجرة 20 طائرًا من صقر الغروب (الأسخم) إلى مدغشقر وعودتها إلى الوجهة باستخدام نظام الملاحة العالمي وأجهزة إرسال تعمل بالأقمار الصناعية، وقد ساهم ذلك في جمع بيانات ومعلومات قيِّمة تُستخدم لفهم أنماط الهجرة لتلك الطيور وموائلها، حيث يُسترْشَد بها في إعداد الإستراتيجيات المستقبلية للحفاظ على الطيور.

وتركز أنظمة التتبع المتطورة الحالية على رصد صقور الغروب (الأسخم) ومراقبة التكاثر، بالإضافة إلى أنماط الصيد وبقاء صغار الصقور على قيد الحياة، إلا أن الدراسات الاستقصائية المستقبلية التي من المقرر إجراؤها على مستوى بحيرة الوجه بأكملها تهدف إلى رصد التغيرات الكبيرة في أعداد الطيور، ويشمل ذلك أنواع الطيور المتكاثرة المكتشفة حديثًا، كالطائر الاستوائي المُلقب بأحمر المنقار، والأزواج المتكاثرة من طائر الحنكور.

الحلول المبتكرة المقدمة من هاكاثون الصناعة التابع لصندوق التنمية الصناعية السعودي

بالإضافة إلى تبني نظام الملاحة العالمي ونظام المراقبة عبر الأقمار الصناعية، شاركت "البحر الأحمر الدولية" العام الماضي في النسخة الثانية من "هاكاثون الصناعة" المنظَّم من قبل صندوق التنمية الصناعية السعودي، والذي يهدف إلى استقطاب المواهب والكفاءات الشابة لتقديم أفضل الحلول المبتكرة لمواجهة التحديات التي يواجهها المُصنِّع السعودي؛ حيث شارك أكثر من 5,500 متقدِّم عبر 3 مسارات مختلفة، وهي التصميم والإنتاج إلى جانب طرح مسار الاستدامة في الهاكاثون لأول مرة على الإطلاق.

وإدراكاً منها لأهمية تعزيز مبدأ الابتكار المستدام، شاركت "البحر الأحمر الدولية" في الهاكاثون بصفتها الجهة المسؤولة عن التحدّي، مع التركيز على الحفاظ على صقر الغروب (الأسخم). فمن خلال هذا البرنامج، تمكَّن المشاركون من استكشاف الحلول المبتكرة في اعتماد المواد عالية التقنية المتطوّرة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والطباعة ثلاثية الأبعاد لتحسين موائل تعشيش صقور الغروب (الأسخم).

وفي إطار المشاركة في الهاكاثون، قامت 7 فرق بتقديم نماذجها لمواقع التعشيش الاصطناعية، والتي يُطلق عليها عادةً "صناديق التعشيش". وبدورنا، قيَّمنا كل صندوق بناءً على مدى ملاءمته مع درجات الحرارة المسجّلة في مواقع التعشيش الطبيعية ومدى دقة تكرار القياسات المأخوذة من الأعشاش الطبيعية.

قام الفريق الفائز، "ريد نسيت" RedNest، بتصميم مبتكر ثلاثي الأبعاد لصندوق تعشيش مستوحى من العمارة الإسلامية التاريخية؛ حيث تضمن التصميم فتحات تهوية طبيعية مماثلة لتلك المستخدمة في أسقف المساجد بهدف تبريد المساحة دون استخدام أنظمة التبريد الاصطناعية. وأسفر النموذج النهائي للفريق الذي اهتم بأدق التفاصيل عن حل عملي ومستدام للحفاظ على صقر الغروب (الأسخم).

نظرة إلى المستقبل

لا تقوم "البحر الأحمر الدولية" بحماية صقر الغروب (الأسخم) والحفاظ عليه فحسب، بل تعمل أيضًا على وضع معايير لممارسات الحفاظ على البيئة حول العالم؛ فمن خلال تلك الجهود المبذولة والمبادرات الشاملة الموضوعة في ذلك الإطار، دعونا نسترجع السبب وراء أهمية الحفاظ على البيئة في المقام الأول. فبينما تعمل الشركة على ضمان بقاء الأنواع المختلفة من الكائنات الحية وفصائلها على قيد الحياة، بجانب سلامة المنظومة البيئية، وصحة الأجيال القادمة من النباتات والحيوانات، فهي أيضًا تضمن استحداث عالم غني بالتنوع البيولوجي للأجيال القادمة؛ حيث تُعد جميعها عناصر مهمة يتعيّن حمايتها والحفاظ عليها.

تلتزم "البحر الأحمر الدولية" دائماً بتحقيق ما هو أبعد من الحفاظ على البيئة من خلال تعزيز البيئة الطبيعية وتجديدها بفعّالية. فمن خلال مواصلة جهودها في استحداث الحلول المبتكرة وتخطي حدود الاستدامة، إنها تُثبت التزامها الراسخ تجاه الحفاظ على عالم طبيعي قوي ومزدهر.